أنا… ضحية.

 يحكى بأن الذين يتقنون دور الضحايا يعيشون وراء ظلهم ولا يظهرون للنور..هم يأكلون عواطف الناس على الإفطار وينامون وهم يرددون “نحن المساكين، نحن المساكين”. يتقمصون الدور إلى أن تصبح حقيقتهم الوحيدة. يؤمنون بأن الحياة لا تنصفهم.. وحقيقة هم الذين لا ينصفونها.
 وأنا أكتب، كنت أفكر أكثر بمعنى كلمة ضحية الأصلي، وليس الذي يبرز بذهني كلما سمعتها أو قرأتها. هل يعقل بأنني طوال حياتي أنظر للكلمة بصورة أخرى.. هل يعقل بأنني ظلمت الكلمة؟ أنا أيضا ظلمت الضحايا؟
 لجئت للعم قوقل وأخبرني بأن “ضحية” بالمعجم تطلق على كل من أصابه شر أو أذى نتيجة لخطأ أو عدوان أو حادث.. وفكرت قليلا بأن
أغلبنا تعرض لما سبق ذكره على الأقل مرة بحياته..هل يعني ذلك بأنني أنا أيضا .. ضحية؟
أظن بأننا غالبا ما نفضل وضع أنفسنا في هذا القالب للتخلص من مسؤولياتنا تجاه أنفسنا.. أن نقتنع بأننا بلا حول ولا قوة ولا نستطيع التحكم بالظروف المحيطة..  يسهل علينا الوصول للإيمان بأن هذا العالم يتآمر ليظلمنا وأن الحظ السيء يلاحقنا بكل زمان ومكان.
هذا الدور الذي نتقنه جيدا.. دور الضحية هو عدونا الأصعب.
هناك مئات الأبطال والبطلات الذين قاموا بتحويل الظروف السيئة إلى قصص شجاعة نحب أن نشاركها عادة لنشر الإيجابية بيننا ولا  أنوي ذكر أي منها هنا لأنني أريد منكم حقا أن تذكروا حكاياكم الخاصة بكم، جميعنا استطاع أن يكون منقذ نفسه بموقف أو آخر. ولكننا بأحيان كثيرة لا ننتبه إلى هذه التفاصيل التي تحتاج منا الوقوف عليها وتكبيرها بأذهاننا لنتذكر بأن فطرتنا الأصلية هي إنقاذ أنفسنا، كلٌ بطريقته الخاصة.. بعضنا يكتب والآخر يرسم ومنا من يعزف والكثير منا يتحدى نفسه ليخرج بأفضل نسخة من نفسه بعد كل محنة يمر
بها.



بثينة العيسى: “نحن ضحايا أنفسنا، الآخرون مجرد حجة”

أنا لست ضحية وكل ما يعترض طريقي من أيام سيئة وتحديات وأشخاص خذلوني و مواقف متعبة هو فقط جزء من الحياة التي أتشاركها مع الملايين غيري على هذا الكوكب، وما يجتاحني يجتاح كل أحد. وهذا بالطبع لا يعني بأن طبيعتنا البشرية لا تحتاج إلى التذمر والتنفيس عن مشاعر الإحباط والتعب التي نمر بها طوال الوقت.. أكثر ما يميزنا كبشر هو قدرتنا على التواصل مع بعضنا البعض ومع أنفسنا التي لا تتحمل الإيجابية المفرطة والتي قد تتحول إلى أذى نفسي.. نحتاج إلى مواجهة شعورنا السلبي وفهمه لنستطيع تخفيفه أو التخلص منه إن استطعنا.
مع الوقت ستكتشف بأن التحرر من هذا الدور سيتيح لك رؤية العالم كما هو.. بجماله وببشاعته في آن واحد. التحرر من كونك ضحية سيجعلك تكتشف أبعادا عميقة بداخلك وستكتشف كمية القوة التي تملكها.. أنت ضحية فقط عندما تسمح للعالم بأن يراك كضحية.


حنين.

رأي واحد حول “أنا… ضحية.

  1. كل ما ذكرته، لا ينفي حقيقة أن هذا العالم سوداوي وغير منصف ويدوس بأقدامه الرمادية على كل محاولاتنا في النهوض. وبأن الجيدين لا يُنصفون بأقدار جيدة. دائماً.

    Liked by 1 person

أضف تعليق